تحفة الزائر في سيرة الأمير عبد القادر
*****************
أسرة الأمير عبد القادر :
1 ـ الشيخ محي الدين : ولد الشيخ محي الدين في العقد السادس من القرن الثامن عشر الميلادي في قرية القيطنة على الضفة اليسرى لواد الحمام ، كان الشيخ محي الدين متزوجا بأربع نساء هن :
ـ العريضة : التي ولدت له محمد السعيد ومصطفى .
ـ الزهرة : التي أنجبت له الأمير عبد القادر وبنتا إسمها خديجة .
ـ فاطـمـة : التي ولدت له الحسين .
ـ خيـــرة : التي ولدت له المرتضى .
في سنة 1826 تمكن الشيخ محي الدين وابنه عبد القادر من زيارة الأماكن المقدسة مرورا ً
بتونس وطرابلس فالأسكندرية ثم القاهرة ، وتوجها منها إلى مكة ، وزار العراق بعد أداء
فريضة الحج ، وعادا في السنة المواليةإلى الحج، ورجعا إلى الجزائر عبر البحرفكان في
إستقبالهما جمع من العلماء والأعيان ، الأمر الذي زاد من سمعة الشيخ محي الدين ، وقد
عرضت عليه الإمارة فرفضها وقبل الجهاد .
ـ 17 أبريل 1832 ، قام الشيخ محي الدين بشن هجوم مع رجاله على دورية إ ستطلاعية
فرنسية في ضواحي وهران .
ـ 01 ماي 1832 وجه الشيخ محي الدين تحد إلى الجنرال ، قائد قوات وهران بالجلاء عن المدينة أو الخروج إلى القتال ، لكن هذا القائد رفض الرد وصمت .
ـ 03 ماي 1832 ، شن هجوما على وهران مع عدة مئات من رجاله كان الأمير عبد القادر بينهم .
ـ19 سبتمبر 1832 نظم حملة هجوم على وهران وكان فيها على رأس ألف رجل ، وكانت
حملة أخرى في 23 أكتور من نفس السنة ، وكان فيها على رأس 500 مقاتل وألحق
بالفرنسيين الهزيمة ، وحينما إستمر المن يتدهور عرض الأشراف والأعيان على الشيخ
محي الدين الإمارة وألزموه بقبولها لنفسه أو لإبنه ـ عبد القادر ـ وواصل الشيخ نشاطه
العلمي والسياسي والعسكري، إلى أن وافته المنية سنة 1833 ، رحمه الله .
ـ محمد بن عبد القادر : بن محي الدين الحسيني ، ولد بقرية القيطنة ، مسقط رأس والده الأمير عبد القادر سنة 1256 هـ الموافق لـ 1840 م ، وتعلم بها . وبعد نفي والده إلى طولون هاجر رفقة العائلة إلى سوريا ، حيث إلتحق بالجيش العثماني حاملا ً رتبة فريق ، وقد كتب كتاب :[ تحفة الزائر في التاريخ الجزائري ومآثر الأمير عبد القادر ] ، وله كتاب[عقد الأجياد في الصافنات الحداد ] وله رسالة سماها [ ذكرى ذوي الفضل في مطابقة أركان الإسلام للعقل] ، وثانية سماها :
[ كشف النقاب عن أسرار الإحتجاب ] وأخرى أطلق عليها [ الفاروق والترياق في تعداد
الزواج والطلاق ] كما كلفه أبوه المير عبد القادر بكتابة حياته وذلك سنة 1871 م .
نسب الأمير عبد القاد ر
هو الأمير عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى بن المختار بن عبد القادر بن أحمد
المختار بن عبد القادر بن احمد المشهور ( بابن خدة ، وهي مرضعته ) ابن محمد بن عبد القوي بن علي بن أحمد بن عبد القوي بن خالد بن يوسف بن أحمد بن بشار بن محمد بن مسعود بن طاووس بن يعقوب بن عبد القوي بن أحمد بن محمد بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله المحض ، بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب ، وأم الحسن فاطمة الزهراء ، إبنة محمد ـ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم
1 ـ ورد هذا النسب في كتاب [ ذكرى العاقل وتنبيه الغافل] ص 29 ، كتبه الأمير بنفسه.
وعد في ذلك إلى [تحفة الزائر] ص923 الذي كتبه محمد بن عبد القادر، كما رواه له أبوه.
بيعة الأمير عبد القادر
نص عقد البيعة العامة
ـ بسم الله الرحمن الرحيم ـ
الحمد لله الذي جعل نصب الإمام من مهمات الدين لتصان به النفوس والأموال وتجتمع كلمة المسلمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد :
لقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إن الله يحمي بالسلطان مالا يحمي بالقرآن ، هذا في الزمان الذي فاض فيه العدل ، ونضب فيه الجهل ، فما بالك بالزمان الذي كثر فيه الباطل وانتشر وخفي فيه الحق ولم يظهر له أثر حتى أن أعداء الله الكافرين ملكوا كثيرا من بلادالإسلام وتشتت الكلمة واختل النظام ولم يجد الناس لقتالهم سبيلا . ولا يكون للجهاد دليلا ً ،فلجأوا إلى الله تعالى وسألوه أن ييسر لهم من يقوم بأمردينهم ، فما وجدوا من تتفق عليه كلمة أهل الحل والعقد سوى السيد محي الدين بن مختار بكماله وكثرة ماعنده من الأعوان والأنصار فطلبوا منه أن يبايعوه على السمع والطاعة
، واعتذر إليهم لكبر سنه . فأتاه بعض من علماء غريس ، وهم من الصالحين ، فقالوا له :" إن أولياء الله تعالى قد اتفقوا على نصب ولدك ـ عبد القادر ـ لنصر دين الله ، ورأى أن ولده مستعد لهذا الأمر ، ووافقهم على نصبه ونصرته لكونه ذا حزم وعزم وشجاعة وعقل سليم ، فاجتمع أهل الحل والعقد وبايعوه منغير طلب منه .فحضر للبيعة جميع أهل غريس وأعلنوا جميعا بطاعته ونصرته والرعاية له ، بحيث أنهم يحمونه بما يحمون به أنفسهم وأموالهم ، وأن ينصروه نصرا مؤزرا ، واتفق علماء الإقليم على بيعته وطاعته ولم يخالف منهم أحد ، وهم في حال طوعهم واختيارهم فعلى من بايع أن يبذل جهده في نصرته وعضده لقول الصادق الأمين :" الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمةالمسلمين ، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ".وحضر ما ذكر من العلماء ، السيد محمد بن حواء بن يخلف ، والسيد محمد بن عبد الله المشرفي ، والسيد عبد الرحمن بن الحسن الدحاوي ، وكافة أبناء سيد أحمد بن علي وجميع علماء غريس وأشرافهم ، لهذه البيعة ، وحضر كاتبه ، محمد بن عبد القادر ، عامله الله بلطفه .
في رجب 1248 هـ الموافق ل 27 نوفمبر 1832 م
أما البيعة الثانية فتمت في مسجد بمعسكر يسمى حاليا بـ" مسجد سيدي الحسان " حيث حررت وثيقة أخرى للبيعة وقرئت على الشعب ( وفود تمثل مختلف المناطق والقبائل ) وتولى كتابتها العالم الفذ " محمود بن حوا المجاهدي" وجاء في هذه الوثيقة بعد الديباجة : « لما انقرضت الحكومة الجزائرية من سائر المغرب الأوسط واستولى العدو على مدينة الجزائر ومدينة وهران ، وطمحت نفسه العاتية إلى الاستيلاء على الجبال والسهول ، والفدافد والتلال ، وصار الناس في هرج ومرج وحيص وبيص ...قام من وفقهم الله الهداية من رؤساء القبائل وكبرائها وصناديدها وزعمائها ، فتفاوضوا في نصب إمام يبايعونه على كتاب الله و السنة فلم يجدوا لذلك المنصب الجليل إلا ذا النسب الطاهر ن والكمال الباهر ، ابن مولانا السيد محي الدين ، فبايعوه على كتاب الله العظيم وسنة نبيه الكريم »
في 13 من رمضان 1248 هـ الموافق ل 4 فبراير 1833 م
ثورة الأمير عبد القادر
[
IMG]
https://i.servimg.com/u/f22/11/35/53/25/em2_bm10.jpg[/IMG]ثلاثة في بطل واحد
ـ الأمير رجل دولة :
إستطاع الأمير عبد القادر أن يقيم دولة ذات كيان إتخذت شكلين ، أولهما مدني ومهمته البناء والتشييد ، والثاني عسكري ومهمته الجهاد ضد العدو . فأول عمل قام به هو جمع القبائل المتفرقة يدعوهم للإنضمام إلى لواء الجهاد وتكوين أمة موحدة ، لأن الوحدة أساس القوة ، كما قام بتعيين الكتاب والنظراء والقادة مراعيا في ذلك الكفاءة والإيمان والسعي لتحرير البلاد ، فجعل القرآن دستوره والشريعة الإسلامية مصدر أحكامه .لقد أحدث الأمير عبد القادر نظاما ً مركزيا ً يخضع لسلطته ، مع وجود مجلس للشورى بإعتبارها إحدى ركائز الحكم الإسلامي ، والديوان والذي يظم النظارات ( وهي بمثابة الوزارات في وقتنا الحالي ) كنظارة الشؤون الدينية ، والشؤون الخارجية والمالية ـ صناعة الأسلحة ـ بالإضافة إلى إنشائه بنكاً لصك العملة . كما قام الأمير بتقسيم الدولة إلى ثمان مقاطعات هي : معسكر ـ تلمسان ـ مجانة ـ مليانة ـالتيطري ـ الزيبان ـ برج حمزة ـ غربي الصحراء ، وعلى رأس كل واحدة خليفة ، وكل مقاطعة إلى نواحي ، على رأس كل ناحية آغا ، وكل ناحية إلى قبائل على رأس كل قبيلة قائد ، والقبيلة إلى أعراش على رأس كل منها شيخ . والجدير بالذكر أن التنظيم الحكومي الذي أوجده الأمير إستمده من واقعه ، فهو تنظيم جديد ليس له صلة بالأنظمة العالمية في ذلك الوقت . ةهنا تتجلى عبقرية الأمير في إنشاء دولة حديثة .
الأمير الدبلوماسي
عرف الأمير بجوانبه العسكرية وقدراته القتالية ولكنه في نفس الوقت برهن على دبلوماسيته الفذة والتي استعملها أثناء إبرام المعاهدات مع الفرنسيين كمعاهدة دي ميشال
1834 ، ومعاهدة التافنة 1837 ، حيث لإستفاد منهما بصفة كبيرة بل تعدى ذلك إلى السفارة التي أرسلها إلى الملك الفرنسي لويس فليب مخاطبا إياه ، والشعب الفرنسي ، موضحا مواقفه تجاه الوجود الفرنسي ، كما وجه الأمير رسائل إلى كل من ملك المغرب السلطان عبد الرحمن لتدعيم علاقته معه ، وملك بريطانيا غيوم الرابع حملها رغبة الأمير في ربط العلاقات التجرية وتعزيز المصالح بين البلدين ،كما حاول التقرب من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق قنصلها بالجزائر ، بالإضافة إلى مراسلته ملوك إسبانيا ، وإن كانت هذه المساعي لم يكتب لها النجاح كلها ، لكنها تدل على سياسة الأمير القاضية بالتعامل مع القوى الخارجية ومحالة كسبها إلى صفه .
* ـ الأمير الأديب :
لم يكن الأمير رجل حرب فقط بل كان أديبا ً وشاعرا وفيلسوفا ركز إهتماماته على دراسة الفلسفة اليونانية والعلوم الإنسانية ، فمن مؤلفاته : ديوان الأمير عبد القادر ـ وديوان شعري سماه [ نزهة الخاطر ] وعدة كتب منها:[ ذكرالعاقل وتنبيه الغافل ] ، و[ المقراض الحاد لقطع لسان الطاعن في دين الإسلام من أهل الباطل والإلحاد] وكتاب [ المواقف ] . إستطاع الأمير عبد القادر أن يجمع بين الأصالة والتجديد في شعره كما أن سعة إطلاعاته أتاحت له تجربة رائدة جعلته يقف في طليعة الشعراء . لقد إستطاع الأمير أن يجمع بين الشجاعة في المعركة والتحلي بروحالمسؤولية في الحرب وفي السلم ، وذكاء خارق في المناورات العسكرية وتنظيم الجيش ، وبين شخصية أدبية وعلمية مرموقة في ذلك الوقت ، فحاول الجمع بين السيف والقلم .
تنظيم السلطات في دولة الامير عبد القادر
بعض اقوال الأمير عبد القادر
بعض ما قال الأمير عبد القادر
1 ـ " لو أصغى إلي المسلمون والنصارى لعرفت الخلاف بينهم ، ولصاروا إخوانا ظاهرا
وباطنا ، ولكن لا يصغون إلي . [ الأمير ـ ذكرى العاقل وتنبيه الغافل ]
2 ـ فرحات عباس يقول عن الأمير:
"لانتكلم عن أحاديث المعارك التي إشتبك أثناءها أولئك الضباط مع الجيش الجزائري
الذي نظمه الأمير عبد القادر بعد أن أصبح روح المقاومة ورئيس الدولة الجزائرية
و كثيرما خرج من تلك المعارك ظاهرا منتصرا،وأعطىالدليل بأنه قد جمع الحذاقة
والديبلوماسية الفائقة مع العبقرية العسكرية السامية والمهارة الحربية الرائعة .
3 ـ يقول الأمير عن فرنسا:
أنا لست كخدوي مصر،إن إبراهيم باشا يرى باريس وغيرها من أمصار فرنسا مهدا له
يمرح فيه كيف يشاء ، أما أنا فلا أرى فرنسا إلا سجنا لي ولمن معي ، فلا فرق عندي بين
طولون وباريس .
4 ـ ولو جاءني من يريد معرفة طريق الحق ، كان يفهم لساني فهما كاملا لأوصلته إلى
طريق الحق من غير تعب ، لا بأن يقلدني ، بل بأن يظهر الحق له ، حتى يعترف به
إضطرارا ً .
[ الأمير ـ ذكرى العاقل وتنبيه الغافل ]
5 ـ سلوا تخبـركم عـنـا فرنسـا ويصدق إن حكت منها المقال
فكم لي فيهم من يوم حرب به إفـتخر الزمــان ولا يزال [ الديوان ]
6 ـ حيثما بدأت مقاومتي للفرنسيين كنت أظن أنهم شعب لا دين له ، ولكن تبينت غلطتي ،
وعلى كل حال فإن مثل هذه الكنائس ستقنعني بخطئي .
[ من تصريح للأمير عبد القادر في كنيسة المادلين في باريس(PARIs ) عام 1269 هـ ،
الموافق لـ 1852م ، نقلا عن كتاب : حياة الأمير عبد القادر الجزائري لشارل هنري
تشرشل ] .
7 ـ نص الرسالة التي وجهها الأمير إلى مشايخ القبائل مباشرة بعد البيعة عند الدردارة .
... وبعد : فإن أهل معسكر وغريس الشرقي والغربي ومن جاورهم وإتحد معهم ، قد
إجتمعوا على مبايعتي ، وبايعوني على أن أكون أميرا ً عليهم ، وعاهدوني على السمع
والطاعة في اليسر والعسر ، وعلى بذل أنفسهم وأولادهم وأموالهم في إعلان كلمة الله ...
...فلذلك ندعوكم لتتحدوا وتتقوا جميعا ً ، واعلموا أن غايتي القصوى إتحاد الملة المحمدية
والقيام بالشعائر الأحمدية . وعلى الله الإتكال في ذلك كله .
[ الأمير عبد القادر]
08 ـ قال الأمير مخاطبا أفراد جيشه :
لا تحاربوا الفرنسيين في جمع كبير ، بل الإقتصار على مضايقتهم ومطاردة أجنحتهم،
وقطع إتصالاتهم والوقوع على معداتهم ووسائل نقلهم ، والتراجع الخادع ، ونصب الكمائن
والهجوم المفاجيء لإذاعة الإرتباك والحيرة والدهشة فيهم " .
09 ـ وقال الأمير : " لو جمعت فرنسا سائر أموالها وخيرتني بين أن أكون ملكا ً عبدا ً أو أن
أكون حرا فقيرا ً معدما ً ، لأخترت أن أكون حراً فقيرا ً " .
بعض الشهادات عن الأمير عبد القادر
01 ـ مدح قيصر روسيا الأمير عبد القادر لعمله الإنساني فقال :
" نحن إسكندر جميع الروسيين ، إلى الأمير عبد القادر :
إقتضت رغبتنا أن نشهر التفافنا إليكم بشهامتكم وعملكم بما إقتضته الإنسانية ،
وإجتهادكم في إنقاذ ألوف المسيحيين من أهالي دمشق الذين وجدوافي خطر عظيم .
02 ـ " لا يوجد أحد في العالم يستحق أن يلقب بالأكبر إلا ثلاثة رجال وهم :"
ـ الأمير عبد القادر الجزائري .
ـ محمد علي باشا .
ـ محمد شامل الداغستاني .
من تصريح للمريشال الفرنسي ـ سوليت ـ سنة 1840 م .
03 ـ قال المؤرخ العسكري روطاليي :" لقد أدرك عبد القادر كيف لا يعرض نفسه وجيشه
للهزيمة بمهارة ، حيث كنا ننجح دائما دون فوز حقيقي ، وكنا نلاحق العدو دائما دون أن
نصل إليه أو نحطمه."
04 ـ شهادة الكولونيل سكوت البريطاني : " كان الجيش الجزائري موحد الصف جيد التنظيم
العسكري والتخطيط الإستراتيجي ."
05 ـ شهادة الجينرال بيجو :" هل نستطيع الجري في كل مكان ؟ هل نستطيع أن نصد ضرباته
المتلاحقة ؟ هل نستطيع تجنيد مليون رجل لمحاربته ؟ من الواضح أننا لانستطيع ذلك ."
06 ـ شهادة جاك بيرك في كتابه [ تاريخ ومجتمعات ] :" لقد إستطاع الأمير أن يغلب ويهزم ..."
شخصيات عايشت الأمير عبد القادر
https://i.servimg.com/u/f22/11/35/53/25/er6_bm10.jpg